منوعات

“الأديان والمحافظة على البيئة ” ندوة دولية من تنظيم فريق البحث في علم مقارنة الأديان بكلية الآداب سايس – فاس

        نظم فريق البحث في علم مقارنة الأديان المنتمي لمختبر ” الخطاب والإبداع والمجتمع : الإدراك والمتضمن ” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس – فاس، ندوة دولية في موضوع ” الأديان و المحافظة على البيئة “، وذلك يوم الأربعاء 20 ربيع الاول 1440 هـ، الموافق لــ 28 نونبر 2018 م، برحاب كلية الآداب سايس  –  فاس.

حوت الندوة ثلاث جلسات علمية، بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية.

       افتتحت الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم، ثم رحب السيد رئيس الجلسة الافتتاحية الدكتور “ميمون الداودي”  – عضو اللجنة المنظمة واللجنة العلمية – بالحضور أساتذة وطلبة باحثين، وأكد على أهمية البيئة داخل الأديان السماوية، فالقرآن يحث عليها ويجعل منها عبادة ، مذكرا بتعليم الغراب الإنسان كيف يواري سوأة أخيه، وبكون رفع الصوت منهي عنه في القرآن الكريم مستشهدا حول هذا بنصوص قرآنية؛ فرفع الصوت يعتبر تلوثا صوتيا ضجيجيا، وفي هذا الصدد شدد على أهمية دراسات النقد الإيكولوجي. أما الدكتور “الحسن الوزاني الإبراهيمي”، فهنأ  في كلمة مقتضبة فريق البحث في علم مقارنة الأديان على اختيار موضوع البيئة في الأديان، فالموضوع ذو أهمية قصوى بالنسبة للإنسان والحياة عامة، كما شكر الأساتذة والطلبة الباحثين مؤكدا على أن فريق البحث في علم مقارنة الأديان منتم لمختبر “الخطاب الإبداع والمجتمع : الإدراك والمتضمن” غير تابع له، كما نوه بالمختبر عامة،  وبعمل الباحثين المنتمين إليه، وخاصة فريق البحث في علم مقارنة الأديان، الذي كانت له إسهامات وإصدارات كثيرة وجيدة ، وتأتي تهنئته هذه، نظرا لإحرازه الرتبة الثانية ضمن المختبرات التابعة للجامعة سيدي محمد بن عبد الله، و البالغ عددها مئة واثنين مختبرا، وحقق الرتبة الأولى ضمن المختبرات التي تشتغل في حقل العلوم الإنسانية، كما قدم معطيات ومعلومات حول التصور الجديد الذي تطمح رئاسة الجامعة لتنفيذه فيما يخص البحث العلمي بالجامعة.

     ومن جهته شكر الدكتور “سعيد كفايتي” في كلمته  الأساتذة والطلبة والحضور، وكذا كل المتدخلين في الندوة بأوراق بحثية علمية، كما أشار إلى مسؤولية المحافظة على البيئة من لدن الأديان الإبراهيمية الثلاث لاشتراكها في التراث الإبراهيمي من ناحية، وكثرة أتباعها من ناحية أخرى، فالندوة – في نظره –  تندرج ضمن هذا التصور ، فهي تتناول موضوع البيئة من رؤى دينية مختلفة يهودية ومسيحية و إسلامية. لتختتم الجلسة الافتتاحية بكلمة الدكتورة “حنان السقاط “بصفتها رئيسة للجنة المنظمة وعضوا باللجنة العلمية أيضا، حيث شكرت إدارة الكلية، ورئيس المختبر ، ورئيس فريق البحث، والطلبة والأساتذة . ثم وضحت كيف بدأت فكرة تنظيم الندوة إلى أن تحققت على أرض الواقع، فالبيئة هي الوعاء الذي نعيش فيه جميعا، ولذا فهي تحظى باهتمام كبير من لدن كل الامم، فالندوة تثير الأسئلة حول مواقف الأديان من البيئة، و هذه المواقف لا تُستنبط من النصوص الدينية فقط، بل من اجتهادات رجال الدين وعلمائه وفقهائه. لتبدأ بعد ذلك مباشرة الجلسة العلمية الأولى، وترأسها الدكتور ” محمد شكري العراقي الحسيني” ( رئيس شعبة اللغة العربية بكلية الآداب سايس – فاس ) الذي قدم الباحثين المتدخلين خلال الجلسة ومواضيع أوراقهم البحثية وشكر الحضور، حيث ناول الكلمة للدكتور ” عبد العزيز انميرات ”   ( جامعة سيدي محمد بن عبد الله) الذي قدم مداخلة بعنوان ” الإنسان والبيئة في الخطابات الدينية، من مفهوم السيطرة إلى مفهوم الاستخلاف”، حيث انصبت مداخلته حول الحديث عما أفرزته فهوم الخطاب الديني عن البيئة من علماء ورجال الدين وفقهاء، لا النصوص الدينية، كما أكد على اهتمام علماء الإسلام بالبيئة، فاهتمامهم هذا تمثل في الآراء والفتاوى التي خلفوها، آراء تعكس بجلاء وعيهم بأهمية البيئة وحمايتها، فالخطاب الديني الإسلامي ليس خطابا فارغا من الاهتمام بالبيئة؛ كما يزعم البعض ممن يغيبون آراء المسلمين في البيئة، فاستقراء النصوص الموجودة بين أيدينا في فقه النوازل مليئة – في نظره –  بما يعزز طرحه، وقد أشار الباحث إلى بعض الآراء منها. كما لفت النظر الباحث إلى أن الغرب انتقل من فهم الطبيعة إلى السيطرة عليها، أما التصور الإسلامي فيرى أن الإنسان مستخلف ومستأمن في الأرض على البيئة والطبيعة، لا مسيطر عليها، لأن مفهوم عمارة الأرض في الرؤية الإسلامية يقتضي الاستئمان على الطبيعة، فالإنسان مسؤول عنها لا ممتلك لها، وفي هذه المسؤولية لابد أن يحافظ على البيئة.  أما المداخلة الثانية فقدمتها الدكتورة ” نادية المديوني ” ( الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس – مكناس) في موضوع ” فقه البيئة في الإسلام : مقاربة مقاصدية ” حيث انطلقت من مقصد أمانة الاستخلاف التي حملها الإنسان في الأرص، وهي أمانة تقوم على أساسين هما الإيمان والعمران، فالباحثة بينت كل ما يقتضيه هذا المفهوم من مسؤولية وعدل ونهي عن الإفساد في الأرض مستحضرة كثيرا من النصوص من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية التي تؤكد أن الاسلام يسعى إلى توفير حياة أمنة للإنسان وكل المخلوقات الأخرى. ليتناول الكلمة الباحث ” بدر الدين الحامدي ” ( الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس – مكناس)، الذي تساءل عن مدى اهتمام فقهاء الإسلام بقضية البيئة في مداخلة بعنوان” دور النوازل الفقهية في حماية البيئة : مقاربة نظرية وتطبيقية “، وأكد أن الفقهاء اهتموا بقضية حماية البيئة والمحافظة عليها سيرا على اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية بذلك، حيث ركز حديثه على حماية البيئة المائية، وعالج هذا الموضوع من باب الطهارة في الإسلام، وساق في هذا الشأن بعض النوازل الفقهية، وبين كيف تم علاجها وما قُدم حولها من أحكام تثبت عناية الفقهاء بالماء كمادة حيوية . ثم أعقبته الدكتورة ” كريمة نور عيساوي ” ( كلية أصول الدين وحوار الحضارات تطوان ) في مدخلة قيمة عبارة عن  قراءة كتاب ” الإسلام والبيئة ” للدكتور “مصطفى بنحمزة” الذي تزامن إصداره مع انعقاد قمة المناخ بالمغرب، حيث أشارت الباحثة إلى بعض الأسئلة التي يجب عنها الكاتب، ثم تطرقت إلى الكتاب من جانبه الشكلي، لتنتقل بعد ذلك إلى تقديم محاور الكتاب، ثم تطرقت إلى مضامين كل محور على حدة، وبذلك قدمت عرضا غنيا بين القيمة الفكرية والعلمية للكتاب، و اطلع من خلاله الحضور على زبدة الكتاب . لتعقبها مداخلة الباحثة الأمريكية عن جامعة تكساس أوستين الأستاذة  ” نتالي برينشتاين Natalie Bernstein ” في موضوع ” المرجعيات المستقاة من التوراة للدعوة إلى الحفاظ على البيئة “، أكدت فيها على أن اليهودية تؤكد على الحفاظ على مصادر الطبيعة للأجيال المستقبلية، فالأرض ذكرت أكثر من مئة مرة في الكتاب لمقدس، ثم أشارت إلى ثلاثة دروس / وصايا في اليهودية، ثم عملت على توضحيها وهي: ” من جيل إلى جيل، و” لا للتدمير ” فالله قال لا لتدمير الفواكه في الأشجار خلال وقت الحروب، و ” حراس الأرض “، أي البشر له سلطة وسيطرة بشكل كبير على الطبيعة مقارنة بالحيوانات الأخرى، لتختم مداخلتها منبهة إلى أن البيئة تُستغل سياسيا، فالبعض يسخرها لخدمة أغراض سياسية لا غير. لتنطلق بعد الجلسة الأولى مباشرة الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتور ” الحسن بوقسيمي ” ، وكانت المداخلة الأولى خلالها من تقديم الدكتور ” عبد العزيز الكبيتي ” ( الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس – مكناس) بعنوان ” المحافظة على البيئة من المنظور الصوفي الإسلامي “، حيث نبه إلى أن موضوع الحفاظ على البيئة موضوع لا يتعلق بطرف خارج عن الذات، بل هو في صميم العقيدة الصوفية، فعند قيام الساعة نحاسب على كل عنصر من عناصر الطبيعة التي جعلنا الله مستخلفين فيها، معتبرا التفاعل الجسدي السلبي في علاقته بالبيئة تدمير لها، فالشجر مثلا حي وله روح باعتباره مخلوق من الله عز وجل مصداقا لقوله تعالى في سورة الرحمان ﴿ والنجم والشجر يسجدان﴾، وهذا يستوجب التفاعل الجسدي الإيجابي مع البيئة كمخلوق من مخلوقات الله. ليتناول بعده الكلمة الدكتور” هشام مومني” ( الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس – مكناس) في مداخلة كان موضوعها” البيئة في القرآن الكريم، من إصلاح الخالق إلى عمل المخلوق” أشار فيها إلى أن المحافظة  على البيئة أصل ضروري تشترك فيه جميع الديانات السماوية وهو من الأصول الكلية في الشريعة الإسلامية، حيث قسم الباحث مداخلته إلى محورين، تحدث في الأول منهما عن خلق الله للبيئة على أصل الصلاح والكمال، فهي صالحة لنفسها وصالحة أيضا لكل ما سواها وعلى رأسهم الإنسان لقوله تعالى ﴿ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها﴾، فالبيئة مخلوقة لوظائف منها الدلالة على الله ، وعبادته، والتسخير لمنفعة الإنسان. أما المحور الثاني فتطرف فيه الباحث إلى عمل المخلوق تجاه البيئة، إذ المطلوب هو الشكر والتفكر وعمارة الأرض بالصلاح، لكن الواقع يتميز بالغفلة والإعراض والجحود والإفساد والتبذير والاستنزاف والإسراف. كما قدمت الدكتورة ” حنان السقاط” ( جامعة سيدي محمد بن عبد الله) مداخلة عنونتها بـ ” الماء وتلويثه من وجهة نظر إسلامية”، حيث أكدت على حظوة البيئة في الدين الإسلامي باهتمام بالغ مستشهدة بالقاعدة الفقهية ” دفع المفاسد وجلب المصالح” كقاعدة تعكس هذا الاهتمام، وقسمت مداخلتها إلى محورين ، محور تحدثت فيه عن أهمية الماء على حياة المسلم، والآخر تطرقت فيه إلى لفظ ” التلوث” في القرآن الكريم والحديث النبوي، لتخلص بعد ذلك إلى التأكيد على كون المحافظة على البيئة واجب ديني شخصي يلتزم به كل فرد مسلم، وعلى ضرورة التكامل في الحفاظ على عناصر البيئة، وتعزيز الأخلاق بشأن ذلك، لتنتهي الجلسة بمداخلة من إعداد الدكتور ” عبد الرحمان البرغوتي” ( جامعة نيس صوفيا، أنتييبوليس – نيس ) والباحث ” رشيد مستقيم” ( الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس – مكناس) باللغة الفرنسية تحدثا فيها عن دور التواصل والإعلام في الحد من مشاكل والبيئة وخطورتها، عنوناها بـ:

La religion et la concervation de l’environnement : quelle place pour la communication    ، وقدمها الباحث رشيد مستقيم. أما الجلسة الثالثة الأخيرة في برنامج الندوة، فانطلقت أشغالها مباشرة بعد انتهاء الجلسة الثانية، وقد ترأسها ” الدكتور ” محمد حاتمي ” ، وتضمنت أربع مداخلات، الأولى منها قدمها الدكتور ” الحسن بوقسيمي ” ( الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس – مكناس) في موضوع ” البيئة بين التسخير الرباني والكسب الإنساني “، والمداخلة الثانية تناول فيها الأستاذ الباحث الألماني ” فارس يواكيم” الحديث عن مفهوم البيئة في المعتقد المسيحي، ألقاها نيابة عنه الباحث ” بدر الحمومي”، لتقدم بعده  الدكتــــــورة ” يطــو وهمـــي ” ( جامعة محمد الخامس – الرباط ) المداخلة الثالثة بعنوان ” خطاب الدين الإسلامي واليهودي في حماية البيئة”، لتنتهي الجلسة بمداخلة الدكتورة ” رشيدة ناصر ” ( كلية الشريعة – فاس) تطرقت فيها إلى موضوع البيئة والمرأة، وركزت حديثها عن الأهداف والغايات المرجوة.

      هذا، وتجدر الإشارة إلى أن كل الجلسات العلمية كانت تتذيل بمناقشة مفتوحة مع الطلبة والأساتذة الحاضرين قصد إغناء محاور كل جلسة.

اختتمت الندوة بكلمة ختامية للجنة المنظمة، كما وزعت خلاله شواهد المشاركة والحضور .

تقرير  الطالب الباحث : عبد العزيز الطوالي

اترك تعليقاً