منوعات

مـــأســــــاة / بقلم : ألـــــفــــة الـنـغـمــوش

الخميس 10 غشت 2015

      استيقظت في الصباح الباكر على صوت بكاء عال و شهيق مجهول صاحبه، فاتجهت صوب الصوت لأعرف من هو الشخص الحزين الذي ملأ بكاؤه  أرجاء المنزل و إذا بي أجده والدي.  كان جلسا على أريكة قديمة سوداء حاملا في يديه الخشنتين الباردتين  صورة جدتي رحمها الله وعيناه الصغيرتان السوداوتان  المليئتان بالدموع مسمرتان فيها فأخذ يلثمها بشفتيه الصفراويين الصغيرتين تقبيلا وأمي تربت على كتفه الأيسر وتردد بصوت خافت”  لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم” هذه مشيئة الرب اصبر يا عبد الله اصبر. اقتربت منهما لعلي أعلم علتهما فبادرت ما الذي يجري لماذا  تبكيان هل أصيبت جدتي بمكروه هل ازداد مرضها فأجابت و الدمع ينهمر على خديها: للأسف لقد توفيت جدتك فجر هذا اليوم، صعقت بالخبر وأحسست بغصة لم أشعر بمثلها يوما  و تسرب الخوف و الاكتئاب بسرعة فلم أستطع أن أمنع دمعتي الحارة من أن تنفلت من مخبئها   لقلبي فأخدت أصرخ و أنتحب فقد فقدت للتو نورا يضيء دربي وزهرة حياتي و بدرها ، وأحسست بظلمة اجتاحت منزلنا وأخدت ذكرياتي معها تمر أمامي بسرعة البرق تم تقدمت نحوي والدتي وقالت : ارتدي ملابسك سنذهب الى بيت جدتك المرحومة لدفنها هيا أسرعي قبل أن يفوتنا القطار المتجه للرباط بينما أبي أشعل سيجارة و بدأ يعب أجزاءها بعنف فلا يدع خيطا من الدخان يفلت دون أن يتذوقه و يتذكر أطياف أمه التي مضت

      عند وصولنا إلى المنزل المنشود خيل إلي أنني أمام مقبرة مظلمة  الجوانب لا يسمع فيها إلا صراخ النساء و الرجال في حين تركت هذا المنزل فردوسا صغيرا من فراديس الجنة  تتراءى فيه السعادة في ألوانها المختلفة وتترقرق وجوه ساكنيه بشرا و سرورا، فمشيت الى الباب فطرقته ففتح لي غلام كبير في أسمال بالية وأشار  إلينا بالدخول ومشى أمامي حتى وصل بي الى قاعة  كبيرة بالية المقاعد والأستار لولا نقوش جدرانها  التي أعرفها من قبل ما عرفت أنها القاعة التي قضينا فيها ليالي السعادة و الهناء مع جدتي. كانت مليئة بنساء ملتفات بأردية بيضاء كنور القمر وقد احمرت أعينهم من كثرة البكاء  يتلون القران الكريم داعيين لجدتي بالرحمة و النعيم وبعد مرور وقت طويل تعالت صيحات الحزن وتجمع الناس أمام باب المنزل لدفن جدتي فبكيت حتى نامت في ذلك اليوم المشؤوم  التابوت.

اترك تعليقاً