الفكر الحر

اللغة العربية تحتاج إلى قرار سياسي

 د. عبدالله أحمد جاد الكريم حسن

يرى الدكتور محمود حافظ – رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة – أنه إذا أُريد لهذه القضية الحلُّ، فعلى الدولة (أو مجموعة الدول العربية) أن تحسمها بقرار سياسي مُلزِم يوفِّر لها كلَّ الإمكانات، ويضع لها الخطة والبرنامج للعمل والتنفيذ والانطلاق، باعتبارها قضية قومية ووطنية وثيقة الصلة بكِياننا العربي، ومستقبل التربية والتعليم، والثقافة العربية الإسلامية[1]، كما فعلت فرنسا حين سنَّت قانون “حماية اللغة الفرنسية” سنة 1994م، الذي صدر بمناسبة مرور مائتي عام على قانون حماية اللغة الفرنسية إبان الثورة الفرنسية، الذي ورد فيه: “يُعاقب كُلُّ مَنْ يوقِّـع وثيقة بغير اللغة الفرنسية بالفصل من وظيفته، وبالسجن ستة أشهر”، ونُقل عن وزير الثقافة الفرنسي الأسبق: “إني أكثر الوزراء مسؤولية، فأنا مسؤول عن صادرات فرنسا الأولى؛ اللغة الفرنسية، والثقافة الفرنسية، والكتاب الفرنسي”، وفى مواجهة الضغط الفرنسي لنشر الفرنسية قامت الحكومة الإيطالية باعتماد مبالغ ضخمة للمحافظة على مكانة اللغة الإيطالية في الخارج، وقامت الشركات الإيطالية ذات المصالح الكبيرة في العالم العربي بتخصيص مبالغ من أرباحها لتدريس اللغة الإيطالية، وتشجيعها لمدرِّسي اللغة الإيطالية في مصر والعالم العربي، وأصبح من حق كل مدرس للُّغة الإيطالية أن يزور إيطاليا مرة في العام، كما تدعم الحكومة الألمانية والحكومة اليابانية لغتَيْ بلديهما، وجاء في مقال نشرته مجلة الأمة في عدد شوال 1404هـ: “فالألمان ينشرون لغتهم عن طريق نشر المعاهد في الداخل والخارج، وأكبر المعاهد هو معهد جوته في القاهرة، أنشئ منذ ربع قرن، ويتخرج فيه خمسة آلاف طالب كلَّ عام، وتنتشر فروعه في 110 من بلدان العالم”.

ولذلك يرى الدكتور صنيتان أنَّ: مستقبل اللغة هو قرار سياسي بدأ بقول عمر: “أقرئ الناس بلغة قريش”، وأكَّده أمر عثمان لكتبة المصحف: “إذا اختلفتم أنتم وزيد، فاكتبوا ما اختلفتم فيه بلغة قريش”، وهو قرار سياسي عندما قال معاوية لجلسائه: “مَنْ أفصح العرب؟”.

وفي هذا الشأن جاء قرار مجلس الشعب المصري، الذي أقرَّ اقتراحًا بمشروع قانون تقدَّمت به لجنة التعليم بالمجلس، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 14 لسنة 1982 م، بإصدار قانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية، ونص التعديل على أن تلتزم دور التعليم، والجهات المشرفة على الخِدْمات الثقافية، والوزارات، والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية، وغيرها من الجهات الخاضعة لإشراف الجهات المشار إليها، بتنفيذ ما يصدره المجمع من قرارات لخدمة سلامة اللغة العربية، وتيسير تعميمها وانتشارها، وتطوير وسائل تعليمها وتعلُّمها، وضبط نطقها الصحيح، وتوحيد ما فيها من مصطلحات، وإحلالها محل التسميات الأجنبية الشائعة في المجتمع، على أن يصدر بها قرار من الوزير المختص يُنشر في الوقائع المصرية، ويقوم المجمع من خلال لجانه النوعية المختصة بتحقيق هذا الدور، وتذليل أية صعوبات تواجهه، ومتابعة تنفيذه، وتقييم مستوى الأداء فيه.


[1] حافظ، محمود، قضية التعريب في مصر، مجلة اللغة العربية، الجزء: 84، (ص92)، القاهرة، مايو 1999 م.

المصدر : موقع الألوكة الأدبية واللغوية من هـــــــنــــــا

اترك تعليقاً