منوعات

عاهات المنظومة التربوية بالمغرب

مالكة عسال : عاهات المنظومة التربوية بالمغرب

هاهي شمس سنوات العمل تنحو نحو المغيب ،وسأتخلص من قبضة المُقيَّد بالرسميات ،ونكد المطوَّق بالمساحيق الشاحبة ، الذي ينزل على قبة الرأس ككرة الهدم الحديدية ،ملفوفا في غلاف حبري ،أتت به عقول مُطْلقة ،مطلقة بالثلاث من ركب التطور .. ولايمكنك خلخلة كوامنه ،كأنه مقدس ،أو بكر يُخاف فض بكارتها …وأنت في معتقل ممارساتك ،تظهر لك الحمولة الحقيبية فارغة ،و الأمر يحتِّم عليك تطعيمَها بما بزغت لك من اقتراحات تصيّدت دررها باقتحام مواطن التعثر،و بفضل التفاني في حب الناشئين ،والاهتمام بحاجياتهم وحاجاتهم ،غير أن الرفض الباث ،والمصاريع المغلقة تقف منتصبة في وجهك ،كالشرطي الوحشي تمنعك من تخطي الحواجز ،واقتحام المستور ،والكشف عن السر الحقيقي وراء ذلك ،وهكذا تأتي الأمور كالتعاويد مطوية على أسرارها المهَندَسُ لها بعبث عارم ،وفْقَ خطط وهندسات تتطاير فارغة كفقاعات هواء ،لاندري ماذا يَعتمل في محتوى نقطة حساسة تسمى المنظومة التربوية ،ولاماذا يجري في مؤسسة تعليمية ، تعتبر أسمى خلية لصناعة العقول ،وتطوير الجوانب النفسية والوجدانية والجسدية .. والتزويد بمعلومات حية تنبض بروح العصر ،و تنضَح برحيق الآتي ،وتقويم الذهن وتحريكه، ليعزف على وتر النقد ،يفجر إلهامه في مطاوي الأشياء ،فيزعزعها لتصحيح مواقعها ،أو إقلاعها من منبتها ،وتغيير غرسها بأجود منها …تسْع وخمسون سنة تسربلَت أمامي كحبات سبحة ، طُفْت على مدى ثلثيها بين صفا منزلي ومروة المدرسة ، أمعن النظر في مستودعها والوديعة ..وخضم من الأسئلة يقارع ذهني :إلى أين تسير المراكب بالمؤسسة التعليمية المغربية ،وفي أي الصباحات ترسو ؟؟؟ ماذا ستقدم للطفل المغربي ، وبأية أدوات .؟؟؟ هل ستستمر على هذا النحو أم ستغير جلدها ،وترفل استقبالا في حلة زاهية ؟؟..ما نوع الأقمشة التي ستفصلها على مقاس التلاميذ بشكل متحضرعصري متطور،وكيف ستصرف النظر عن الرتق و الترقيع ،ليتنعنع على هضبتها النبغاء ،ومن مسامها يتناسل العباقرة ؟؟؟… أُقِرّ والعهدة عليّ ،أن مدرستنا على مدى سنوات عمري ،عجوز شمطاء، بيدها عصا غليظة تهش بها على أبنائها ،تركل البعض فتزحف بهم إلى الشوارع ،والبعض الآخر يتجرع إنتاجا تعلميا تعليميا ، بطريقة عتيقة منقوعة في القدم ، واحدة لابديل لها ،عمادها التلقين والنقل كحبات أسبرين لكل الأوجاع ،لافرق لها بين طفل في حداثة سنه ،ولاشاب في ريعان شبابه ، طريقة منتقاة من الغياهب ،كالكوارث الطبيعية ترمي طميَها المتحجر ،لتَحجز الفكر النقدي في جُبّ عميق القرار ،تزرع في فلاة المتعلمين سنابل مُحرقَة ،فترميهم كطير أبابيل بخطايا إرَم ذات العماد ،تغتال تطلعات التلاميذ ،وتُقبر رغباتهم ،وتصيب بنكسة قاتلة ميولاتهم ،وتقيم بين ماهو متطور وعقولهم الأسوار ،فتربيها على السالف الذي أصابه البوار ،متخذة في ذلك قرارات فردية فريدة ،ليست لدى مدارس أوباما كما قيل …باستعمال آليات وأدوات تآكلت بالصدأ: تكديس التلاميذ كالسردين في علب الحجرات ،وإثقال ظهورهم بتنوع هائل من المقررات ، بينها وبين المأمول ألف حجاب ،على اعتبار (فين تحطْ يد تحط عشرة ) (وبيضة واحدة تقسم على 40 طالبا ) هندسة تُشرع أبوابها على الكمّ (مهما أتلف منه لابد من إحكام القبض على البعض ) دون اعتبار الكيف (علمني كيف أصطاد سمكة ولاتعطيني السمك )… لاندري ماالسر في ذلك ؟؟؟ هل السبب واقعنا المزري في إنتاج مدرسة كهْلة ،في واحاتها ترعى الشيخوخة ،حتى علا لمّاتِها الشيب ؟ لكن مابال فلسطين تتآكل بين حطام الحصار ،ودمار الحروب ،وجموح البحث عن الجديد لايتوقف شكلا ومضمونا ،ومواكبة العصر موَفّقة، ووضع خطط ومناهج مفيدة وهامة في تجدد وتنقيح مستمرين ؟؟؟؟؟ أم ياترى أياد خارجية لها بصمتها في قَلب الموازين، بتحديد نوعية المناهج والمواد والدروس لأمر في نفس يعقوب ؟؟مهما كان ذا أو ذاك …فهما وجهان لعملة واحدة محَت نقوشَها صروف الدهر ،..كذا مرة علت أصوات الباحثين والأساتذة مِن جُرن المنظومة التربوية ،تندد بضحالة مايُقدَّم للمتعلمين وفراغه ،مُلحّين على أن الكثير في جعبتهم ،واضعين أصابعهم على منبع الضرر ،ومواطن الداء ،وكَمْ رمّموا الأعطاب بأفكارهم اليقظة ،ومجهوداتهم الشخصية ،ورفعوا في تحدّ وجرأة لوائح شتى من الاقتراحات ،كبلسم للأسقام الناخرة ،حتى ينهض جسد التعليم مُعافى وفي صحة جيدة ،فتُولَد من رحمه فلول تنبئ بالمفيد ،مسلحة بما فيه نفع لها ولمجتمعها ووطنها ،غير أن لا الناهية /الرافضة ،المنتصبة كسيف الله المسلول ،تجزّ رقاب الأفكار النيرة المتطلعة إلى ماينبغي أن يكون ،لتحتفظ بالمؤسف والبائس بشكل فردي دون إشراك الفعاليات في خطاطات المنظومة التربوية التعليمية التعلمية …تمنيت قبل أن أغادر حلبة التعليم، أن يتورد الأمل ولو كذبا ،و يأتي على مؤسساتنا يوم يُنوِّر فيه البدْر لياليها الدامسة ،فتلوح من تَلّ الغياهب مطلية بألوان قوس قزح ،ترفل في ملاءة من الضوء لتلتحق بالركب الحضاري …

اترك تعليقاً