الفكر الحر

عودٌ على بدء

القري إدريس

عود على بدء فيما يخص التمييز العقيم بين أصناف المعرفة والتشجيع الرسمي والشعبي على العلم بالمعنى المبتور للكلمة

دليل آخر يُفنِّذ التصورات الميكانيكية للتكوين العلمي الجاف الذي يسئ لجمالية الرياضيات ولنبلها وهي متكاملة مع الفيزياء ومع الفلسفة والموسيقى (لترجعو لإنشتاين ولريتشارد فين مان ولهاوكنز وتويلر وبوبر ….. ) بكل شعبهما وهو غير واعٍ بأنه لا يفعل أكثر من تغذية التطرف. نعم تغذيته بالسذاجة القاتلة. إنها الميكانيكية العلمية الفارغة التي تحْرِمُ وتجرِّدُ العِلم النبيل والسامي من قدرات الحس الشعري ومن إنسانية الفكر العميق الفلسفي ومن استيعاب روحانية الموسيقى ومن تمثل البُعد الجمالي السوسيوأنثروبولوجي في الإنسان وتنظيماته المدنية المتقدمة وذلك لعمري هو بوبة الإبداع وليس شيئا آخر.

المهندسة المعمارية العالمية رحمات الله عليها “زُهى حديد” مثال رائع لما نقوله. إنها الأنثى (نعم الأنثى … هل سمعتم نعم الأنثى في عالمنا المعطوب نصفه … ) التي لا شك في أن استيعابها الرائع للتوازنات الفيزيائية ولصلابة قواعدها في الهندسة المعمارية لم تكن وحدها (كل مهندس معماري قوي التكوين العلمي وحي الضمير وغير جشع روحيا يكقدم تصاميم صلبة ووظيفية ومتكاملة) أساس تميزها وخلود أعمالها وما حققته من رفعة استثنائية للعلم وللمعرفة العربيين المعاصرين، المنبطحين للتخلف ولآخر الصفوف في الترتيب العالمي، من إنجاز يشهد له من عالميا ومن أعلى هيئات التخصص العلمي والسياسي والجمالي، بل إن حِسَّها (ليرحم الله كل عظمة فيها) الجمالي الإبداعي المتمثل للموسيقى وللشعر وللفلسفة، وللجسد بالتأكيد، وكلها التخصصات التي تنظر بصرامة الإبيستيمولوجيا وبروح النقد الإنسي والأخلاقي والمدني للعلم، إنما هي مصدر قوة وخلود ما قدمته السيدة البهية للحضارة الإنسانية قاطبة.

فالعلم الجاف من البعد الإنساني في نفسية وعقلية ومعرفة وحس العالم (وإلا فلم نزع السلاح النووي، والحد من التغيرات المناخية، ومحاولة احتواء الحروب ولم أخلاقيات الاستنساخ ولم خدمة العلم للظلم وللأقوى وللأكثر تعصبا بل وللإرهاب اليوم أليست أغلبية أطره مهندسين وأطباء وتقنيين، هل سمعتم بمؤرخ أو فيلسوف أو سينمائي أو موسيقار أو سوسيولوجي أو عالم نفس أو روائي أو شاعر ضمن مؤطري ومنظري الإرهاب ؟؟؟؟؟ ) لن يكون إلا ملغوما للإنسان عندما يكون محمولا في عقول لا تتمثل تعدد القيم وانفتاح العقل العلمي على اللانهائي من الاحتمالات. لقد حسم الغرب هذه المقولات منذ أزمة اليقين مع مطلع القرن العشرين في الرياضيات والفيزياء معا فهل سمعتم بهذا أيها السادة ميكانيكيو العلم؟؟؟

رحم الله العالمة المبدعة المتنورة الأستاذة صانعة الجمال بالعلم والعلم بالجمال الإنساني المنعش للروح الداعي للإنسانية السيدة: “زها حديد”

المصدر: موقع هسبريس من هـــــــــــــــنا

اترك تعليقاً