فاطمة الزهراء المرابط-
اختتمت صبيحة يوم الأحد 23 أكتوبر 2016، فعاليات “المعرض الوطني الثالث للإبداع والكتاب” الذي نظمه “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بدعم من وزارة الثقافة، من 17 إلى 23 أكتوبر 2016، بالمركز الثقافي ابن خلدون (طنجة). وافتتح المعرض بكلمة الأستاذين رشيد شباري (الكاتب الوطني لرونق المغرب) ومحمد الثقال (المدير الجهوي للمديرية الجهوية لوزارة الثقافة بطنجة) قبل أن يعرض شريط توثيقي لمسار الراصد الثقافي والإبداعي تحت عنوان “رونق المغرب 3 سنوات من العطاء المستمر…”.
حفل الافتتاح عرف مشاركة الفنان العازف علي بنسعيد الذي أتحف الحضور البهي بمعزوفات ووصلات غنائية، وتكريم أحد رواد فن الكاريكاتور الراحل محمد عليوات “حمودة” بحضور شقيقته ثريا عليوات، ثم تتويج الفائزين بجائزة “رونق المغرب” الإبداعية حيث فاز بجائزة الشعر: إدريس رقيبي(ورزازات)، عبد الرحيم هري(الدار البيضاء)، بدر متشو(الدريوش)، وبجائزة القصة: محمد بوثران(الجزائر)، محمد عبد اللوي(الرشيدية)، عبد الرزاق بوتمزار(مراكش)، في حين فاز بجائزة الزجل: محمد علوش(القنيطرة)، محمد لعصايب(سلا)، تلتها قراءات إبداعية بمشاركة الفائزين الذين شنفوا أسماع الحضور بباقة إبداعية متنوعة.
“أفلاطون يصل متأخرا” للقاص سعيد موزون
وقد شهد المعرض توقيع مجموعة من الإصدارات الجديدة في الرواية والقصة والمسرح والثقافة الشعبية، حيث تم تقديم وتوقيع المجموعة القصصية “أفلاطون يصل متأخرا” للقاص سعيد موزون، مساء يوم الثلاثاء 18 أكتوبر 2016، بمشاركة الناقد فريد أمعضشو بقراءة نقدية تناول فيها تيمة الذات، والاحتفال بقضية التذويت، كما رصد خصوصيات الخطاب القصصي في المجموعة، وأبرزَ مميزاته وملامحَ التجريب فيه، ودلالات ذلك، واختتم ورقته بالوقوف عند ميزات فنية أخرى تَسِم نصوص المجموعة، مثل التجديد والتجريب والحداثة في الكتابة السردية؛ وتكسير خطّية السرد، والتجديد في طريقة كتابتها، وتوظيف أسلوب الرسائل، وتقنية “الأصوات”، إضافة إلى التناصّ مع عدد من المرجعيات الدينية والثقافية، والمجازات والرموز والإيحاءات والتصوير الفنيّ، الموظَّف ببراعةٍ وتقنية عالية.
ندوة: الكاريكاتير بين التقريرية والإبداع
وفي مساء يوم الأربعاء 19 أكتوبر 2016، نظم “الراصد الوطني للنشر والقراءة” ندوة: “الكاريكاتير بين التقريرية والإبداع. مغامرة القفز على التخوم” بمشاركة الأساتذة: عبد الغني الدهدوه (كاريكاتوريست/ طنجة)، رشيد شباري(ناقد/ طنجة)، عبد الرزاق بوتمزار (صحفي/ مراكش)، حمزة الدقون (مخرج سينمائي). انطلقت فعاليات الندوة بورقة الفنان عبد الغني الدهدوه تحدث فيها عن تاريخ الكاريكاتير مستحضرا مؤسسي هذا الفن بالمغرب، مشيرا إلى التجاهل والتهميش وضعف المواكبة النقدية لهذا الفن، خاصة مع غياب تكوين الفنان وغياب ثقافة الكاريكاتير إلى أن ظهر فضاء الإنترنيت الذي ساهم في توفير المعلومات والاحتكاك بالتجارب الأخرى، وختم ورقته بالحديث عن تجربة الكاريكاتوريست الفلسطيني ناجي العلي الحالة الخاصة التي أضحى فيها كاريكاتور ناجي العلي معيارا يصعب تجاوزه.
وفي الندوة نفسها، تحدث الأستاذ عبد الرزاق بوتمزار في ورقته عن تجربة الكاريكاتوريست عبد الغني الدهدوه في الصحافة المغربية وطبيعة رسوماته الكاريكاتورية واللمسة الفنية التي يتميز بها، مشير إلى أن فن الكاريكاتير يختزل مجموعة من المقالات والأفكار والقضايا وطنيا وعالميا من خلال مجموعة من المنابر الإعلامية. أما الأستاذ رشيد شباري فقد اعتبر فن الكاريكاتير من الفنون الحديثة التي استطاعت أن ترسخ مكانتها ضمن الخطاب الإبداعي الذي يجمع بين الصورة والكلمة، هذا الترسيخ الذي أثبت مشروعيته بالنظر إلى خصوصيته وتفرده، فهو الفن الوحيد الذي لا يكتسب أهميته إلا من حيث وقوفُه على تخوم الدوائر المحرمة (الطابو) سواء كانت سياسية أو جنسية أو دينية، ولهذا السبب نلاحظ معاناة الكثير من رموز الكاريكاتور في العالم من الاضطهاد بكل أشكاله الذي وصلت أقسى وأقصى درجاته إلى حدود القتل، ولنا في الشهيد ناجي العلي خير مؤشر على خطورة هذا الفن بالنظر إلى مستويات تأثيره في المتلقي، كما تناول في ورقته الحديث عن المدارس النقدية التي تناولت الصورة وبشكل خاص الاتجاه السيميائي (التركيز على الصورة) مثل سعيد بنكراد ورولان بارت، مشيرا إلى أن النقد أيضا يعاني من غياب التكوين والإلمام بهذا المجال.
“رصيف الذاكرة” للقاصة نجاة السرار
كما تخلل المعرض حفل تقديم المجموعة القصصية “رصيف الذاكرة” للقاصة نجاة السرار، مساء يوم الخميس 20 أكتوبر 2016، ساهمت في مقاربتها الباحثة شيماء أبجاو حيث ركزت في قراءتها على خصائص المجموعة القصصية (حجم القصة، أحادية الحدث، قلة الشخصيات، التكثيف)، ثم انتقلت إلى الحديث عن دلالات التأويل في بعض نصوص المجموعة، قبل أن تتناول الأبعاد الاجتماعية الهامة التي تعالجها الكاتبة عبر مجموعتها القصصية، خصوصا أنها سلطت الضوء على قضية المرأة فأصبحت القصة وسيلة وغاية في نفس الوقت، فهي وسيلة تشكل منبرا للصدع بأفكارها ورؤيتها الخاصة، وغاية باعتبارها تشكل متعة جمالية في حد ذاتها.
“الفرجة المغربية” للباحث عبيد لبروزيين
وفي اليوم نفسه، نظم “رونق المغرب” حفل تقديم كتاب: “الفرجة المغربية” للباحث عبيد لبروزيين، ساهم في مقاربته الباحث جلال المرابط بورقة عالج فيها موضوع الأشكال ما قبل مسرحية، خاصة “أحيدوس واءمديازن” لتقديم الخصائص والسمات الفرجوية الفنية والأدائية التي جعلت هاذين التعبيرين الفرجويين يشكلان حلقة وصل بين هذا الفن والتلقي، ما يجعلنا نقر بأن الباحث أستطاع أن يسلط الضوء على جانب مهم من الأدب الأمازيغي الذي تختزنه الفرجة الشعبية، بالنظر إلى الحاجة لتدوينها خاصة القصائد الأمازيغية التي اشتغل عليها، بل إنه لم يكتف بالتدوين فقط بل ركز على تحقيقها وكذا تعريبها، واختتم ورقته بأن الدراسة لم تقارب الفرجة الشعبية الأمازيغية من منطلق فني فقط، بل حاولت أن تنظر من زوايا أعمق منها الزاوية الاجتماعية والثقافية من خلال تسليط الضوء على الخلفيات الأسطورية واللاهوتية القديمة المحايثة (قصة أحيدوس بالتحديد).
ندوة: الأندية الثقافية في المؤسسات التعليمية ورهان القراءة
وفي إطار انفتاحه على المؤسسات التعليمية، شهد المركز الثقافي ابن خلدون فعاليات ندوة: “الأندية الثقافية في المؤسسات التعليمية ورهان القراءة”، مساء يوم الجمعة 21 أكتوبر 2016، بمشاركة الأساتذة: فتيحة البو (ثانوية وادي المخازن الإعدادية – العرائش)، مصطفى أقبيب (فاعل حقوقي ومفتش سابق)، حسن الوسيني (ثانوية الإمام الأصيلي الإعدادية – أصيلة)، رشيد شباري (الراصد الوطني للنشر والقراءة)، تنشيط الأستاذ حسن الحداد (ثانوية الساقية الحمراء الإعدادية – طنجة).
تحدث الأستاذ رشيد شباري في مداخلته عن ضرورة تفعيل الأندية الثقافية بالنظر إلى الأهمية التي تكتسبها من حيث قدرتها على انفتاح الناشئة على مختلف الفنون بكفاياتها الممتدة، وذلك يتطلب تنويع العرض الثقافي وتجديد آليات الاشتغال حتى تواكب مستجدات المدرسة، مع ضرورة توفير الغلاف الزمني الرسمي الملائم للمدرس والتلميذ معا، في إطار رسمي يسمح لهما بهذه الممارسة الصفية وليس خارجها، مستعرضا تجربته ضمن مجموعة من الأندية الثقافية التي أطرها في مختلف المؤسسات التعليمية والفاعلية التي تميزت بها هذه الأندية ومردوديتها سواء في المستوى التثقيفي والفني أو على مستوى المردودية والتحصيل الدراسي، وانعكاس كل ذلك على سلوك التلاميذ داخل المؤسسات وخارجها، ليخلص في الأخير إلى تقديم نموذج “نادي شباب رونق بثانوية عبد المومن الموحدي التأهيلية” بطنجة، هذا النادي الذي استطاع أعضاءه إن يتوجوا بعدة جوائز وطنية ومحلية في مختلف الأجناس الإبداعية إضافة إلى حصولهم على نتائج مشرفة في امتحاناتهم الإشهادية.
وتناول الأستاذ مصطفى أقبيب في مداخلته السياق العام لظهور الأندية الثقافية بالمؤسسات التعليمية، انطلاقا من تأسيس جمعية تنمية التعاون المدرسي خلال الستينيات القرن الماضي مرورا بإحداث الفروع على المستوى الوطني وصولا إلى ظهور ترسانة من المبادرات والمشاريع بعد الستينيات بالمؤسسات التعليمية، كما تحدث عن طبيعة الأندية الثقافية (الصحة، البيئة، اللغة، الفن، المسرح، الشعر، القص، الصحافة…) ودورها في تنشيط التلاميذ وتثقيفهم والإنصات لهمومهم، وختم مداخلته بالحديث عن تجربة نوادي المواطنة والسلوك المدني ببعض المؤسسات (علال الفاسي، الخوارزمي، مولاي سليمان…) وامتداد التجربة إلى الجامعة، مشيرا إلى العوائق التي أجهضت هذه التجربة (غياب التنسيق، غياب التتبع والمواكبة، ضعف الدعم والتأطير، عدم استثمار الزمان والمكان…).
وتطرق الأستاذ حسن الوسيني في مداخلته إلى مفهوم القراءة لأنها التعبير الحي عن المستقبل، مشيرا إلى أن القراءة موجة العمق نظريا وممارسة، ورهانات في عمق متحرك غير قابل للانغلاق والتجزيء وليس رهانا واحدا في مجرى ثابت، غير قابل للكشف والتحليل، وأنها نسق ثقافي متكامل للتقاطع والتجاذب، كما تحدث عن تحديث المدرسة المغربية انطلاقا من شعار: “جميعا من أجل مدرسة النجاح” وارتباطا بميثاق وطني للتربية والتكوين يرسم مضامين محددة وما يرافقها من متغيرات متعددة على مستوى المناهج والمقررات وطرائق التدريس والبدائل التنظيمية لإنجاح حركة الأندية التربوية. مؤكدا على ضرورة التنشيط الثقافي/ التربوي وهيكلة الأندية التربوية وتعددها لتستجيب لتنوع الحاجات والميول واختتم مداخلته بالحديث عن تجربة الأندية الثقافية بثانوية الإمام الأصيلي الإعدادية بأصيلة، (المهرجانات الربيعية، التشجيع على القراءة، تكريم المبدعين من خلال لقاءات مفتوحة، كتاب بالفرنسية يضم إبداعات التلاميذ…).
أما الأستاذة فتحية البو فقد استهلت مداخلتها بالحديث عن مفهوم القراءة باعتبارها نشاطا ذهنيا يتم عبر الإدراك والفهم والتأويل وإبراز أهميتها في تحصيل المعارف واكتساب الخبرات وإنضاج الوعي ومعرفة الذات والعالم وتحقيق اللذة، إلا أن غياب الاهتمام بالقراءة في الأوساط الشابة بشكل خاص يعكس أزمة مجتمع بأكمله، مشيرة إلى أن الأندية التربوية بالمؤسسات التعليمية بؤرة ضوء قادرة على إمداد المجتمع بأجيال قارئة إن توفرت لها شروط النجاح. ما يجعل من الأندية الثقافية رهانا لتنمية القراءة، حيث تحدثت عن تجربتها في ثانويتي العوامرة (ضواحي العرائش) ووادي المخازن الإعدادية (العرائش) وما يكرسه الناديين من أنشطة تربوية وتثقيفية وتحسيسية بالقراءة وأهميتها، كما عرضت مجموعة من الصور التي توثق مختلف الأنشطة الثقافية التي نظمت ضمن برنامج مكثف مع نماذج لنصوص إبداعية نتيجة الاشتغال على مستوى الأندية الثقافية.
“مقدمات في نقد الثقافة الشعبية” للباحث محمد شداد الحراق
وتجسيدا لشعار: “الكتاب مسؤوليتنا جميعا” الذي حملته الدورة الثالثة من المعرض الوطني للإبداع والكتاب، احتفى “رونق المغرب” صبيحة يوم السبت 22 أكتوبر 2016 بكتاب: “مقدمات في نقد الثقافة الشعبية” للباحث محمد شداد الحراق، ساهم فيه الإعلامي عبد العزيز كوكاس بورقة تحدث فيها عن انحياز الكاتب إلى التقييم النقدي للثقافة الشعبية بعيدا عن الهوية العمياء، وفق قراءة نقدية تبرز ما سماه الكاتب بـ “وعي جديد بالموروث الشعبي” وعي يرتكز على خلفية علمية ورؤية منهجية واضحة بهدف تنقية وتهذيب هذا التراث الشعبي خارج التنميط الفلكلوري، والوقوف على ما يحبل به هذا التراث الشعبي من قيم إنسانية راقية ومؤثرة وعلامة إبداعية ورمزية حية ودالة على الثراء الثقافي والقيمي والجمالي للإنسان في هذا الوطن. وحول الكتاب نفسه، تحدث الباحث عبد الغني عارف في ورقته عن الكتاب باعتباره مداخل أولية تستحق منه مزيدا من تشريح الظواهر التي قرأ في ضوئها مفهوم الثقافة الشعبية وتجلياته النفسية والمجتمعية، وهو ما يجعلنا ننتظر من الباحث كتابات أخرى تضيء المزيد من جوانبه المعتمة والتي تحتاج إلى ترميم شامل، معتبرا هذه الدراسة محاولة تروم إلى إزالة غبار كثير من اللبس المحيط بمفهوم الثقافة الشعبية وتعرية مجموعة من تمظهراتها بأداة التمحيص والنقد، وهو واع بصعوبة الغاية نظرا لشساعة الحقل الذي يحرك موضوع الدراسة وكذا تداخل مكوناته في أبعاده النفسية والاجتماعية والتاريخية.
“معزوفة لرقصة حمراء” للروائي عبد القادر الدحمني
وفي مساء اليوم نفسه، نظم “رونق المغرب” جلسة نقدية حول رواية: “معزوفة لرقصة حمراء” للروائي عبد القادر الدحمني، ساهم في تقديمها الناقد أحمد الجرطي بورقة تحدث فيها عن خصوصية الأنساق الثقافية والفنية التي اكتنزت بها الرواية في تمثيلها للذاكرة التاريخية، وتشخيصها لمرحلة من تاريخ المغرب السياسي (سنوات الجمر والرصاص)، وذلك من خلال تبئير السرد حول شخصية حمان الذي حاول سرد تفاصيل المرحلة بما تركته من انعكاسات على كيانه النفسي وعلى جملة من الشخصيات التي تلتقي معه في القهر والانسحاق والاغتراب. كما تحدث عن السمات الفنية من خلال الاستراتيجيات السردية والأسلوبية التي أضفت على تحبيكها للأنساب المرجعية السابقة حضورا فنيا لافتا، تقنية الانشطار التي أفضت إلى تهشيم خطية السرد، استدماج جملة من الخطابات المتخللة التي نتج عنها تعضيد الطاقة التناصية والحوارية للرواية.
“الشوارع” للقاص محمد الشايب
وبعد استراحة قصيرة، احتفى “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بالمجموعة القصصية “الشوارع” للقاص محمد الشايب في جلسة نقدية، ساهم فيها الناقد جامع هرباط بورقة نقدية استهلها بالحديث عن التأويل التقابلي في دراسة الخطاب والخطاب الأدبي بوجه خاص، وأهم خصائصه، مشيرا إلى أن القراءة التقابلية تعد نظاما معرفيا شاملا من التقابلات اللغوية والمعرفية والسياقية والتاريخية والاجتماعية وغيرها… وعلى هذا الضوء حاول مقاربة المجموعة القصصية “الشوارع” من خلال التوقف عند بعض المفاهيم الإجرائية التي تخص التأويل التقابلي، انطلاقا من عتبة العنوان ودلالته اللغوية وتقابلات العناوين النصية ودلالاتها السردية، ثم تناول التناظر السيميائي في النص: تقابل الحركة والصمت، تقابل الأوضاع، تقابل الأشخاص. كما تحدث في ورقته عن البعد الاجتماعي في المجموعة القصصية “الشوارع” من خلال عرض بعض النماذج التي تعبر عن تقابل الحالات عبر تقابل النصوص.
“لمسات على خد القمر” للقاص ادريس حنبالي
شهد “المعرض الوطني الثالث للإبداع والكتاب” صبيحة يوم الأحد 23 أكتوبر 2016، حفل تقديم المجموعة القصصية “لمسات على خد القمر” للقاص ادريس حنبالي، ساهم في مقاربتها الباحث محمد محقق بورقة اعتبر فيها المجموعة عبارة عن لوحات اجتماعية وهي تنشد قيم الانعتاق من قمع السلطة والاستبداد بلغة السهل الممتنع مما يخالج النفس من أحاسيس ومشاعر منفلتة تحمل في طياتها حكايات غير متوقعة التي على أساسها ترتسم في ذهن المتلقي صورا تجمع بين النفسي والسلوكي بأسلوب ساحر مطبوع بالتلوين يستشف المتلقي من خلال لغتها الحكائية واقعا حابلا بقضايا إنسانية تثير إشكاليات تلتقط الطموحات التي يسعى إليها السارد من أجل تغيير سوداوية الواقع وتحريره من ضيق الأفق راسما بسمة صافية على قسمات الكلمات المسكونة بالحس المرهف باحثة عن العدل والحرية والسلام من القيود والأغلال والحيرة والتيه، متجها نحو الاختلاف واختراق الأشكال الواقعية قصد تحريك مكنون الوعي في الذات معتمدا على أسلوب يباغت فيه المتلقي في جو من المتعة والسحر الجمالي داعيا المتلقي إلى التأمل.
“أمواج خارج البحر” للقاص ابراهيم السكوري
اختتم “الراصد الوطني للنشر والقراءة” معرضه الوطني الثالث للإبداع والكتاب بحفل تقديم المجموعة القصصية “أمواج خارج البحر” للقاص ابراهيم السكوري، ساهم فيه الناقد محمد صولة بمقاربتها من خلال ورقة استهلها بقراءة في العنوان وتجربة القاص التي لا تقتصر على كتابة قصصية شكلية تخضع إلى بنيات لغوية نمطية مألوفة كما هو حال السرد التقليدي بل هي صياغة لمتواليات كبرى (خمسة وعشرون موجة) كلها تصب في متواليات صغرى لتيمات يتفاعل فيها البعدان الاجتماعي والنفسي، مشيرا إلى أن خارج البحر معناه اليابسة والأمواج توحي بتقلبات الحياة، فتأمل المعنى يرجع بنا إلى متخيل قديم له علاقة برحلة سندبادية داخل أهوال البحر في حين أن القاص بفعل الموجات البرية التي يواجهها هو أقرب بالقوة إلى مغامرات السندباد، وختم ورقته بالحديث عن اللغة التي استثمرها القاص في مجموعته القصصية.
واختتمت فعاليات “المعرض الوطني الثالث للإبداع والكتاب” الذي تميز بعرض إصدارات أدبية وفكرية واجتماعية وحقوقية واقتصادية، بكلمة الكاتب الوطني رشيد شباري التي شكر فيها كل المساهمين في إنجاح هذه التظاهرة الأدبية من نقاد ومبدعين وإعلاميين وتربويين وداعمين ومهتمين بالشأن الثقافي/الإبداعي، مؤكدا على الاستمرارية في تنفيذ برامج “الراصد الوطني للنشر والقراءة” رغم الصعوبات والاكراهات التي تحد من فعالياته.